المربية حنين أمارة تبحر في فضاء الكتابة للطفل

 كتب شاكر فريد حسن:
تبدو الكتابة للأطفال مصحوبة بكثير من الصعوبات، كونها تحتاج الى دراسة معمقة وقدرة على الجمع بين البساطة والعمق والعبرة والحكمة، بعيدًا عن الوعظ والارشاد اللذين قد ينفر منهما الاطفال حين يكون الخطاب بطريقة مباشرة. والمربية حنين أمارة نجحت في اختراق عالم الطفل والتعامل معه من خلال تجربتها في سلك التدريس، وفي معانقة عالمه وملامسة مشاعره، ومخاطبته بلغة سهلة وبسيطة وطلية، على الصعيد الأدبي والفكري والنفسي والجمالي، وعلى مستوى المضمون واللغة والنحو والأسلوب والبناء.
حنين أمارة من بلدة جت المثلث، متزوجة ومقيمة في زلفة احدى قرى طلعة عارة، تشغل معلمة ومرشدة للغة العربية في مدرسة مصمص الابتدائية.
وهي كاتبة تمتلك التجربة والأدوات الابداعية، تكتب الخواطر والقصة والوجدانيات، ونشرت بعضًا من كتاباتها في المواقع والصحف المحلية.
وحنين بارعة في الكتابة للطفل، ولها في هذا المجال قصة ” وجدان وطائر الكنار “، وقصة ” الفلاح والبنت الضائعة “.
بالاضافة الى قصتها الرائعة التي صدرت في كتاب من الورق المقوى بعنوان ” يوم ميلاد أمي “وهو باكورة نتاجها. وقد صممت رسوماته الفنانة سندس محاميد، وجاءت لوحاته معبرة وجميلة عن مضمون ومحتوى القصة وقريبة من الذوق الفني للأطفال.
وتهدي حنين قصتها الى ” من أنارت لي الطريق الظلماء، بشموع يتخطى ضوءها الفضاء، لتقفز بي الى عنان السماء، الى أجمل زهرة في بستاني…. الى أمي الحبيبة “.
تطفح القصة بالمشاعر الانسانية الدافئة الصادقة المرهفة، وبالوفاء الأبدي لمهجة قلبها، أمها الحنون، التي ترى فيها كل شيء….ترى الحب والحنان والعطف والنور والأمان والطمأنينة والفرحة الكبرى التي تملأ روحها وخاطرها وسماء حياتها، وتقدم لها وردة حمراء من روضة بيتها تعبيرًا عن مدى حبها الشديد واخلاصها العميق لها.
والمغزى الذي نستنتجه من القصة هو ابراز قيمة الأم وتعزيز الاحترام والتقدير والبر لها، لما تمثله وتجسده من عطاء ومحبة ورأفة واحاسيس نابضة، وانه لا يمكن أن نفيها حقها مهما قلنا وكتبنا فيها، ولكن من واجبنا قدر المستطاع أن نقول ونعبر عن صفات وسمات هذه الانسانة والمخلوقة العظيمة التي خلقنا في أحشائها وكبرنا على يديها الحنونتين، وتربينا في أحضانها، كانت فيها ملاذنا الآمن والحصن الذي نحتمي فيه من غربة الأيام، وكم كان شكسبير صادقاً عندما قال: ” ليس في العالم وسادة أنعم من حضن أمي “.
ما يميز الكتابة الحنينية لغتها الشاعرية السلسة الفاتنة التي تلبي ما يحبه الطفل ويستمتع به كي يجذبه لعالم السرد ودنيا القصة، والعمل على تذويت الفكرة والمضمون عنده، وغرس القيم التربوية والأخلاقية لديه، اضافة الى أنها تحمل أبعادًا جمالية وايجابية تعالج مواضيع وقضايا مسحوبة من عالم الطفل وواقعه بحلة لغوية جميلة تثري عالم الأطفال والصغار، وتنير دربهم وتدلهم على الطريق السوي، وتنمي سلوكهم.
وفي الاجمال، قصة ” يوم ميلاد أمي ” لحنين أمارة رسمت باسلوب يستثير خيال الطفل، وكتبت بصيغة تتوافق مع قدرات الطفل على الفهم والاستيعاب، فضلًا عن ما تتميز به من رسومات ونوعية ورق ذات جودة عالية تجذب الصغار وتدفعهم لقراءة القصة والاستمتاع بها، وتمنحهم فرصة التفاعل مع أحداثها وصورها ومعانيها ودلالاتها ، وما وضعته من اسئلة هادفة في النهاية عن محتوى النص والفكرة المركزية والمغزى منه.
حنين أمارة تحث الخطى على طريق الكتابة الابداعية للطفل، وقد نجحت ووفقت في ايصال فكرتها بصورة ناجعة وايجابية واسلوب أدبي مشوق وممتع. وانني اذ أشد على يديها مشجعًا وداعمًا، متمنيًا لها مستقبلًا زاهرًا وواعدًا، والى الأمام، مع التحية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .