محاولات للرّقص على دّماء مأساة أطفال مجدل شمس .. هادي زاهر

 

ما هذا الحبّ الكبير المتدفّق، منقطع النّظير الّذي تكنّه السّلطات الإسرائيليّة للطّائفة الدّرزيّة؟ والّذي أظهرته عقب المأساة الأليمة الّتي حلّت بأطفال قرية مجدل شمس في الجولان السّوريّ المحتلّ، تلك المنطقة الّتي حاصرتها وجوّعت أهلها لمدّة 7 أشهر لأنّهم تمسكوا بانتمائهم الوطنيّ ورفضوا الحصول على الجنسيّة الإسرائيليّة!

كيف ممكن لأهالي الجولان المحتلّ بأن يقبلوا مجيء النّتنياهو وصحابته لتعزيتهم في حال يرون بأنّ هذه السّلطة تتلذّذ بقتل الأطفال وتحنّي أياديها بدمائهم! وكما شهد شاهد من أهله.. الطّبيب اليهوديّ الأميركيّ مارك بيرلموتر العائد من غزّة، قال:

“إنّ الجيش الإسرائيليّ قتل عمدًا أطفالًا بنيران قنّاصته”

 إنّ هذا الاحتلال أراد أن يسيّس المأساة التي تقطع القلوب وتفتت الأكباد لصالحه ويحاول أن يجد المبرّر لمواصلة العدوان والدّمار وتشبّثه بالأراضي الّتي احتلّها من الدّول العربيّة متنكّرًا لكلّ القرارات الدّوليّة، معتمدًا على الحماية الأمريكيّة الّتي تمنحه الضّوء الأخضر لارتكاب موبقاته.

يظهر الاحتلال تعاطفه مع أهلنا لأنّهم ينتمون لأبناء الطّائفة الدّرزيّة وهو تعاطف كاذب مئة بالمئة والدّليل واضح تمامًا، يترجم  بتعامل هذه السّلطات مع الدّروز داخل ال48 حيث تحجب عنهم الكثير من المستحات وتمنعهم من ربط بيوتهم بشبكة الكهرباء وتمنع حتّى من يخدم في جيشها من بناء بيته على أرض الآباء والاجداد وتغرم من يبني بيته على أرضه بمئات ألوف الشّواقل فتشلّه كلّيًّا وهكذا تتحوّل الطّائفة الدّرزيّة في إسرائيل إلى مجرّد عبيد وإلى أكبر مشروع اقتصاديّ لصالح الدّولة، ولو عدنا إلى القذيفة الّتي سقطت على مجدل شمس والّتي زعمت إسرائيل بأنّ حزب الله هو من أطلقها، والتّهمة جاهزة ومباشرة نستطيع أن نقول بأنّ يدّ المخابرات الطّويلة قد تكون شريكة في كلّ شرّ يحدث حول العالم أينما كان، والسّناريوهات كثيرة، من المعلومات الواردة تشير إلى أن صاروخًا اعتراضيَّا اعترض صاروخ حزب الله وغيّر مساره،  أو إن كان هناك خطأ في مسار الصّاروخ وتركه الجيش الإسرائيليّ وقبّته الحديديّة يسير في اتّجاهه عندما أدرك بأنّه لن يسقط في منطقة تؤدّي إلى خسارة تخصّه، وهناك احتمالات أخرى منها أن عملاء لإسرائيل اطلقوا الصّاروخ إلى حيث سقط مع سبق الإصرار، أو أنّ إسرائيل نفسها أطلقت الصّاروخ لشقّ وحدة الصّفّ وهي سياسة معروفة ورثها الاحتلال عن الاستعمار البريطانيّ.

 لعلّ البعض لا يذكر أنّ الجيش الإسرائيليّ كان في السّابق قد قصف خلوات البيّاضة المعقل الدّينيّ الأكبر للدّروز في قرية البيّاضة في جنوب لبنان وهناك من قتل وهناك من جرح من المشايخ الاجلاء آنذاك، من هنا ليس غريبًا بأن تكون اليدّ الخفيّة للاحتلال هي من قامت بالجريمة لدقّ الأسافين بين أبناء الشّعب الواحد وهي متعوّدة على ذلك دائمًا.

 وحسنًا أنّ أهلنا في الجولان السّوريّ المحتلّ قد طردوا الوزراء الإسرائيليين الباكين بكاء التّماسيح القادمين لتقديم التّعازي متّهمين إيّاهم بأنّ مجيئهم  جاء للرّقص على دماء أطفالهم، وقد صرخوا  في وجه نتنياهو:

 “أنتم المسؤولون ارجع يا مجرم الحرب يا قاتل الأطفال”

 ومنعوا اجهزته من الصّعود إلى السّطوح لتأمين الحماية له، وقد صرّح سماحة الدّكتور الشّيخ سامي أبو المنى شيخ عقل الدّروز في لبنان يثني على الموقف العروبيّ لأهلنا في الجولان السّوريّ المحتلّ، وكان قد صرح وليد جنبلاط بمثل ذلك.

كلّ التقدير لأهلنا الّذين فوّتوا على الاحتلال تنفيذ مآربه الدّنيئة وكانوا بمثابة مدرسة في الموقف العروبيّ الصّحيح الّذي يجب أن تتعلّم منه البشريّة جمعاء في الأوقات المأساويّة الصّعبة.

والأهمّ من هذا كلّه بأنّ أهل الجولان يطالبون دروز الدّاخل بأن يستيقظوا من غفلتهم ويروا الواقع الأليم الّذي أصابنا،   

وفي هذه العجالة، لا  يسعنا الا  ان نتمنى الرحمة للأطفال الذين قضوا، والصبر والسلوان لذويهم ،  والشفاء العاجل للجرحى، وأن يعمّ السّلام العام في أقرب وقت ممكن.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .