جاءنا من الناطق الرسميّ للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين الشاعر علي هيبي: التقى وفد كبير من الأدباء من أعضاء الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل وأصدقائه، يوم الاثنيْن الموافق 9/4/2018 مسؤولين كبارًا في المجال الأكاديميّ، العلميّ والإداريّ، في قاعة مبنى كلّيّة الشريعة في الحرم الجامعيّ القديم لجامعة النجاح الوطنيّة وسط مدينة نابلس. وقد ترأّس الوفد رئيس الاتّحاد الكاتب فتحي فوراني وبرز من أعضائه، نائب الرئيس د. أسامة مصاروة والأمين العامّ الكاتب سعيد نفّاع والناطق الرسميّ الشاعر علي هيبي ورئيس لجنة المراقبة د. بطرس دلّة وعدد من أعضاء الأمانة العامّة والإدارة وهم الأدباء: مصطفى عبد الفتّاح وفردوس حبيب الله وأسمهان خلايلة ود. محمّد هيبي وأسامة ملحم وسهيل عطا الله وميساء عواودة.
وكان في استقبال الوفد راعي اللقاء البروفيسور ماهر النتشة القائم بأعمال رئيس الجامعة، ونائب الرئيس للشؤون الأكاديميّة د. محمّد العملة رئيس قسم العلوم الإنسانيّة، وعميد كلّيّة الآداب د. عبد الخالق عيسى، ورئيس قسم اللغة العربيّة د. نادر قاسم، ونائب رئيس جمعيّة النقّاد الفلسطينيّين د. إحسان الديك. وقد بادر إلى هذا اللقاء الكاتب نفّاع والكاتب مصاروة بالتنسيق مع د. الديك المحاضر في الجامعة، وتمحور موضوع اللقاء حول كيفيّة إقامة نسقٍ من التواصل لضمان التكافل والتكامل الثقافيّ الوطنيّ وتكريسهما وتوظيفهما في سبيل ضمان البقاء والصمود الوطنيّ والحفاظ على الشخصيّة الوطنيّة والحضاريّة والإنسانيّة وعلى الهويّة الثقافيّة العربيّة، لتكون رافدًا من روافد النضال الفلسطينيّ من أجل تحقيق الأهداف الوطنيّة السامية في الاستقلال السياسيّ وكنس الاحتلال الذي يسعى إلى تدمير حياتنا الثقافيّة من خلال شرذمتنا وانقسامنا وطمس معالم طريقنا الوطنيّ وتغييب معالمنا الثقافيّة والحضاريّة.
ويشار إلى أنّ اللقاء اشتمل على ثلاث جلسات تولّى عرافتها وأدارها د. نادر قاسم، وبكلمة ترحيبيّة حيّا العريف وفد الأدباء من الاتّحاد القطريّ شاكرًا لهم مسعاهم ومبادرتهم لهذا اللقاء، وكذلك حيّا الشخصيّات الأكاديميّة على المنصّة. فكانت الجلسة الأولى جلسة ترحيبيّة، والثانية اشتملت على محاضرات حول التكافل والتكامل وطرق تجسير جوانب الثقافة الفلسطينيّة وعن دور المؤسّسات والتنظيمات الأدبيّة كالاتّحاد القطريّ في وضع خطّة سنويّة، شاملة ومتكاملة لإنجاز الأهداف المتوخّاة.
ففي الجلسة الأولى كانت الكلمة الأولى لد. عيسى عميد كليّة الآداب، تطرّق فيها إلى دور الجامعة العلميّ والأكاديميّ والرسالة الوطنيّة التي تحملها، فطلّاب جامعة النجاح من كلّ أنحاء الوطن بما فيهم طلّابنا من الداخل الفلسطينيّ، وقد أشار د. عيسى إلى أقسام كليّة العلوم الإنسانيّة، وأبرزها قسم اللغة العربيّة.
أمّا أد. النتشة فقد رحّب بالوفد العزيز وأعرب عن سعادته باللقاء وثمّنه عاليًا، وتكلّم عن تاريخ الجامعة ومراحل تطوّرها منذ سنة تأسيسها 1918 عندما كانت مدرسة، حتّى تحوّلها إلى جامعة سنة 1977، ويجري الإعداد الآن للاحتفال بمرور قرن على تأسيسها، ويذكر أنّ عدد طلّاب الجامعة بكافّة فروعها حوالي 24000 طالب، منهم حوالي 2000 من وسطنا العربيّ المحلّيّ، ولها أربعة مواقع واحد منها في مدينة طولكرم، وتحدّث كذلك عن أقسامها العلميّة وعن علاقاتها مع أهمّ الجامعات في أوروبا وأميركا والعالم العربيّ.
وبكلمة قصيرة حيّا د. الديك الوفد الذي يحمل رائحة عبق الأرض والوطن من الجليل والكرمل والمثلّث، قائلًا: “أنتم الذين حافظتم على الهويّة وانغرستم بتراب الوطن الغالي وسمائه الشامخة”.
وردّ الكاتب فوراني بتحيّة للجامعة شاكرًا المسؤولين الذين رحّبوا بالوفد مثمّنًا ما تنطوي عليه هذه اللقاءت بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد من أهداف وطنيّة ورسائل حضاريّة سامية. وقد شملت هذه الجلسة بعض الاقتراحات البنّاءة لنجاح أهداف اللقاء قدّمها د. محمّد هيبي ود. أسامة مصاروة والشاعر حسين جبارة والشيخ عبد الله بدير.
الجلسة الثانية اُستهلّت بكلمة للكاتب نفّاع، استعرض فيها تاريخ المؤسّسات والاتّحادات الأدبيّة، ومنها ما كان مرتبطًا بالسلطة وأذرعها المتواطئة، أمّا أوّل اتّحاد وطنيّ أقيم فهو اتّحاد الكتّاب العرب، وأقامه الشيوعيّون وأنصارهم ورئسه الشاعر سميح القاسم، ومن ثمّ أقيمت رابطة للأدباء مناوئة للاتّحاد ومن ثمّ تلاشى الاثنان، كانت عمليّة إحيائهما شبه مستحيلة، حتّى تأسّس الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين – الكرمل في حزيران سنة 2014، فعمل بجدّ على رفع مستوى الحراك الأدبيّ وانضمّ إلى صفوفه خيرة الأدباء الفلسطينيّين في الداخل، ونشط في كثير من المجالات أبرزها النشاط الميداني في المدارس والنشاط الأدبيّ والثقافيّ في القرى والمدن، وإصدار مجلّة “شذى الكرمل” منبرًا أدبيًّا وحضاريًّا ووطنيًّا وتقدمّيًّا لأدبائنا في الداخل ولكم في الضفّة الغربيّة ولسائر أدباءنا في الوطن العربيّ الكبير. وكذلك سعينا منذ البداية على لقاءات مع أدبائنا الفلسطينيّين في رام الله وطولكرم وجنين ونابلس ومؤسّساتنا وجامعاتنا الوطنيّة في سائر أنحاء الضفّة الغربيّة.
وفي محاضرته حول التكافل أشار فوراني إلى ضرورة تعميق التواصل الثقافيّ والأدبيّ الدائم بين شقيّ الوطن، للنهوض بالمشهد الثقافيّ، وانتهز فرصة هذا اللقاء موجّهًا نداء وطنيًّا إلى الأخوة الفلسطينيّين في رام الله وغزّة مناديًا إلى ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطينيّ وحمل الهمّ الوطنيّ وترشيد النضال نحو العدوّ الواحد.
أمّا د. الديك فقد طالب بوضع دراسة تصبو إلى خلق خطّة عمليّة واضحة المعالم ومتناسقة البناء وذات أهداف ثقافيّة عليا لبناء صرح من التكامل الثقافيّ، بالرغم من التباعد الجيوسياسيّ والاختلاف في الظروف، لا أن تبقى العلاقة مبنيّة على لقاءات ومهرجانات بعيدة ومبتورة عن بعضها، لا ينظمها ناظم مدروس وموضوع مسبقًا.
الناقد الفلسطينيّ عادل الأسطة أثرى اللقاء بمحاضرة غنيّة عن تجربته في اكتشاف شعر المقاومة في الداخل وشعرائنا وكتّابنا البارزين، تلك العلاقة التاريخيّة التي بدأت منذ 1972، وقد ثمّن دور صحافة الحزب ومجلّة الجديد ومجلّة الأسوار في اكتشافه لأدب المقاومة ورموزه: محمود درويش وأميل حبيبي وسميح القاسم وتوفيق زيّاد ومحمّد نفّاع وراشد حسين وغيرهم. وكانت الجلسة الثانية قد اُختتمت بقصيدة “أتُرى نعود” للشاعر د. مأمون مباركي.
أمّا الجلسة الثالثة فقد خصّصت للقراءات الشعريّة والأدبيّة، وكان الشاعر علي هيبي هو الذي استهلّها بقصيدة “صور مشتّتة تبحث عن قصيدة”، وتلاه الشاعر نزيه حسّون بقصيدة “لا يهدأ القلب إلّا في فلسطين” والشاعرة أميمة محاميد بقصيدة “أكتب لنتصافح بسلام” والشاعر منتصر منصور بقصيدة “أرجوحة العيد” وقصائد أخرى والشاعر أسامة مصاروة بقصيدة “حكاية من كانوا” والشاعرة دوريس خوري بقصيدة غزليّة “أعنّي يا طير” والشاعر الواعد طالب جامعة النجاح معتصم غواربي بقصيدة “فلسطين المفقودة”. وكان الروائيّ الفلسطينيّ عدوان عدوان قد اختتم القراءات باستعراض لإنتاجه الروائيّ وقراءات منه، كان أبرزها من روايته “عودة الموريسيكيّ إلى مهده”.
واختتمت الزيارة بغداء عمل تبودلت فيه الآراء، ومن ثمّ قام الوفد برفقة مضيفيه بجولة في الحرم الجامعيّ الجديد لجامعة النجاح في منطقة رفيديا في نابلس، وهناك تعرّفوا على أقسام الجامعة وتخصّصاتها ومكتبتها الكبيرة.