خلود فوراني سرية-
نظم نادي حيفا الثقافي برعاية المجلس الملي الأرثوذكسي- حيفا أمسية ثقافية استضاف فيها د. عبلة الفاري لمناقشة وإشهار روايتها ” منفى الياسمين” الصادرة عن دار فضاءات للنشر- عمان.
استهلت الأمسية بلمسة وفاء لطيب الذكر الشاعر عبد الرحمن الأبنودي إذ صادفت الأمسية الذكرى الثالثة لوفاته.
افتتح بعدها الأمسية رئيس نادي حيفا الثقافي المحامي فؤاد مفيد نقارة مرحبا بالحضور، وقال في سياق كلمته إن الإسلام جزء من ثقافته وله تأثير على شخصيته، قرأ بعدها نصا من كتاب ” فلفل حار” للكاتب رياض بيدس مشجعا على قراءته. ثم أعلن عن أمسيات النادي داعيا لحضورها.
تولّت عرافة الأمسية الشاعرة أميمة محاميد أما المداخلات فكانت من نصيب د. صفا فرحات الذي تطرّق بداية للإهداء التمرّدي على كلّ المذاهب والسّير والمدارس مما أثار التّساؤل: هل نواجه عملا أدبيّا هلاميّا ، تصعب علينا لملمة أجزائه المتنافرة المتبعثرة، من منطلق كسر القيود والانفلات من حجر منهجيّات إبداع الرّواية؟ تناول ثلاث منهجيّات الرواية – الرّواية التّقليديّة الّتي كانت وظيفتها الأولى متمثّلة بالوعظ والإرشاد والتّعليم، الرّواية الحديثة، وهي دائمة السّعي في تجسيد رؤية فنيّة مغايرة للرّواية التّقليديّة، أمّا المنهجيّة الثّالثة في الإبداع الرّوائي فهي كسر المألوف، لهذا أطلق عليها بعض النّقّاد رواية اللا رواية، وهكذا ترانا وعلى مدار الرّواية، ننتقل في الأمكنة والأزمنة كلّما اقتضت الحاجة، لإضاءة بعض الزّوايا الغامضة، وهو تنقّل عقلانيّ محكم، صدر عن رؤية فنيّة مصمّمة مسبقا، وما التّمرّد على كلّ منهجيّات الرّواية، إلاّ منهجيّة، ولدت ونمت بعد عجز الرّواية الحديثة عن تبنّي قيم فنيّة جديدة دالّة.
والمداخلة الثانية قدمها د. سمير فوزي حاج الذي حاول، على حدّ قوله، فك شيفرات وطلاسم نصوص منفى الياسمين المثقلة بالمفردات اللغوية التمّامية (نسبة إلى أبي تمام ) ، والتي تدع القارئ يغوص في اللجج والأعماق بحثا عن المحار ليخرج اللآلئ منها.
في هذه الكنوز اللغوية الجميلة يدخل القارئ العادي “مثلث بيرمودا “اللغوي وجزر التيه والضياع لتشابك السرد وهيمنة اللغة الشاعرية خاصة حين يتوقف السرد، في الوصف وفي الحوار. منفى الياسمين موناليزا شاعرية جمالية ممسوحة بالضباب أو لوحة تشكيلية مزركشة وملوّنة بالهموم والوجع الإنساني والرحيل والتغريبات للمقهورين والغاضبين على قسوة الحياة، موضوعاتها متشعبة ومشتّتة، لم تعالج الرواية موضوعا واضحا مثل المنفى بل كثّفت في طرح موضوعات متشعبة ومشتّتة لا رابط بينها، منها معاناة اللامنتمين والمولودين سفاحا في العالم العربيّ ، وقسوة المجتمع، والفقر وقمع المرأة، وانتهازية الأغنياء واستبدادهم، ومعاناة المنفى، مما أضعف موضوعها وزاد في ضبابيتها وتشظّيها. تعاني من ضياع الحبكة وتفتقر إلى موضوع رئيس أو ثيمة تربط السرد المنهال منها بلغة جميلة، فلا خيط أو خيوط تربط السرد المشظّى أو الثيم التي تحملها الرواية، مما يفقد الاتصال مع المتلقي .
إضافة إلى ذلك اللغة المنتقاة تنسف الفكرة والأحداث التي يحملها النصّ والتي من المفروض أن تسيّر القارئ وتجعله يتفاعل معها، وتترك في عالمه اندهاشا وأثرا .لكن حين ينتهى القارئ منها يرى أمامه مرآة مشظاة من حيث فهم موضوعاتها وطلاسمها. فختم بملاحظة للكاتبة عن لغة روايتها أنها جاءت لنخبة من القراء لعدم سلاستها.
كانت كلمة مختصرة بالنهاية للمحتفى بها د. الفاري أعربت فيها عن سرورها لوجودها في حيفا بهذه الأمسية وشكرت القيّمين على النادي ونشاطاته .
فُتح بعد ذلك باب النقاش للحضور فكانت مشاركات متنوعة.
وبالتوقيع والتقاط الصور كان الختام، لقاؤنا يوم الخميس 03.05.18 مع المترجمة سوسن كردوش قسيس وإشهار ترجمة رواية ” مُجرّد أُنثى” للكاتبة الدنماركيّة ليزا نورغورد. بمشاركة د. نبيل طنوس، د. جوني منصور وعرافة الإعلامي نايف خوري.