شاكر فريد حسن
أمل مرقس حارسة النعناع، وكوخنا خلف الضباب على حدود القمر، صاحبة الابتسامة الموناليزية المدهشة، والحضور الواثق الباذخ، والصوت الملائكي المخملي العذب الرقيق كالحرير، العابق بحب الوطن والأرض والجليل والانسان والجمال.
أمل الفنانة الملتزمة التي كبرت وشبت في فضاء ذلك البيت العتيق، حيث حنان الأب طيب الذكر المرحوم نمر مرقس، والوالدة أم نرجس- أمد الله بعمرها-، وارتوت من فكرهما التنويري التقدمي الانساني المنحاز لبسطاء الشعب والناس، وكبرت أحلامها تحت روائح الزعتر والنعناع الأخضر، وتحت ظلال اشجار الزيتون والبرتقال والليمون المنتشرة حول البيت.
هذه المطربة الملتزمة التي طالما شنفت آذاننا، ودغدغت أحاسيسنا، ولامست قلوبنا، وعانقت ارواحنا، بأغانيها الفيروزية وترانيمها وأناشيدها الوطنية والسياسية والتراثية، وبادائها الرائع، تطل علينا بتسجيل وتوزيع جديدين لأغنيتها القديمة ” لا احد يعلم ” من ألبومها الاول، الذي سجلته ابان الانتفاضة القلسطينية الماجدة.
وهي أغنية كتب كلماتها ولحنها الفنان القدير نزار زريق، ورافقها في العزف على القانون نجلها فراس، وتم التسجيل في استوديوهات جامعة بيركلي للموسيقى في بوسطن، حيث يدرس فراس للقبين في الموسيقى، في التلحين والتوزيع وقيادة الاوركسترا.
وتبدأ أمل أغنيتها بقراءة كلمات منها بصوت شاعري ناعم وقوي في آن وأداء رائع خلاب … حيث تقول:
لا أحد يعلم من الآتي في الدور غدًا
طفل يطير في سماء جباليا
أم طفلة تهشم بالخطأ رأس رصاصة بريئة
تلعب في جبل النار
ربما شيخ من غزة يهدد أمن الجيش الجرار
أو عاشق من بلاطة أو عازف جيتار
لا احد يعلم لا أحد يعلم
وفي هذه الأغنية الجديدة- القديمة، تثبت أمل مرقس مجددًا أنها مميزة في كل شيء، في اللباس والغناء والأداء والصوت وانتقاء الكلمات.
انني اذ أحيي العزيزة أمل مرقس، وارسل اليها باقات ورد وجوري بمناسبة اعادة تسجيل واطلاق اغنيتها الجميلة ” لا أحد يعلم “، التي تعكس الهم والوجع والواقع الفلسطيني تحت حراب الاحتلال، وتعزز روح الثورة والانتماء والكفاح والمقاومة في النفوس، مع تمنياتي لها بالمزيد من التألق والسطوع والابداع الفني الملتزم والمتواصل.