خيبة ألامل على قدّ الامل بقلم: دكتور نجيب صعب – أبو سنان                                                                            بقلم: دكتور نجيب صعب – أبو سنان

 

לכידה

قول يتردد بين الحين والآخر بين الفنية والاخرى ومن يوم ليوم وفي اللقاءات والمجالس الاجتماعية ، هذا القول هو “الدنيا أمل” ، ولولا الامل لما وصل الناس الى أهدافهم او أنهم

لم يحققوا تخطيطاتهم الاقتصادية ،العلمية، الثقافية والانسانية, وهنا يصح القول أيضاً

 “ ما أضيق العيش لولا فسحة الامل”  وكل إنسان حازماً في رأيه، عنيداً في مبدئه وفي نهج حياته, مستقيماً في تعامله مستنداً في كل هذا على الامل، الامل الذي هو القاعدة الاكيدة والوطيدة التي يرتكز عليها المرء في حياته وفي بناء غده ومستقبله.

ومن يمعن النظر في محيطه القريب أو البعيد ، يبصر وعن كثب ودون اي عناء أن كل إمرئ من ذكر وأنثى له آمال في هذه الحياة الصاخبة، ومن منطلق ان الحياة تأخذ مجراها الطبيعي ويجب أن تستمر وانطلاقاً من هذا تبنى الامال في الحياة. فكما ولدنا وتأمل بنا الاهل نحن بدورنا نعلق الامال على الابناء ليكونوا إستمراراً لنا في هذه الدنيا، وبقدر ما نعلق الامال عليهم علينا أن ندرك أنه لا سمح الله أن خاب أملنا فالخيبة تكون على قد الامل الذي كنا قد بنيناه.

والامثلة لا تحصى ومتفشية بكثرة بين ظهرانينا، فالاهل خاب أملهم وتبددت طموحاتهم من الابناء ومن خلفهم الذي لم يحقق آمال أهله وذويه في مسلكه ، في مسؤوليته، في وعيّه وربما يكون الامر على العكس ومغايراً لما نشأ عليه أهله وذووه من نهجٍ ومكانة وقد يكون سبباً في بعض الحيان للمس بذويه أو في الحط من مكانتهم وكرامتهم بتصرفاته وبنهجه غير المسؤول، هنا حقاً في مثل هذه الابناء تكون خيبة الامل كبيرة وموجعة.

ومن ناحية اخرى يعلق الناس في مجريات امورهم وتسييرها في كثير من الاحيان على الاخوة والاخوات من ذات الجلدة، وفي هذا المجال يعيش في خيبة أمل, والامثلة على هذا اتركها لك عزيزي القارئ لتجري حسابات دقيقة وسريعة وخاطفة يرافقها نوع من التفاؤل.

وقد يتسع اطار خيبة الامل هذه في أحيان معينة ليشمل كثيرين من الاقارب او الذين يعتبرون من الاهل، فالتجارب التي يمر بها كل إمريء ، والتعامل اليومي مع المحيطين به بعد مضي وقت ما أو الدخول في بعض التجارب والوقوف عن كثب وبصدق ، يعي هذا المرء او ذاك ولوحده ودون مساعدين مدى خيبة الامل التي وقع فيها، وعندها اسئلة جمة تطرح نفسها وقد تكون الاجابة عليها متعسّره او ربما تكون عندك ايها القارئ العزيز اجابات عليها .

ولا يقف الامر عند هذا الحد، وانما يشمل ايضا جمهور الاصدقاء الذين نمت بينهم وبين هذا المرء او ذاك روابط اخوية, روابط صداقة وربما لم تقع في موقع الامتحان بعد , وعندها يقوم هذا المرء او ذاك بالتوجه الى احد الاصدقاء لطلب امر ما ويعلق عليه املا وربما آمالا كثيرة سرعان ما تنكشف الحقيقة وتنهار , القصور التي بناها هذا المرء في الهواء , وقد تكون خيبة الامل كبيرة جدا جدا في بعض الاحيان , وكذلك وفي نفس الوقت يمكن ان يكون الامر على العكس.

ويكون الامر كذلك في الحياة السياسية والاجتماعية , فيأتيك قائد جديد , انسان متحرر على حد تعبيره مثالي, يعي تقريبا كل شيئ ويفند على طريقته بنهجه الانساني الذي لا مثيل له , منهجه التعاملي , حرصه على المجموعة (جماعته طبعا) وكذلك حرصه على من هم ليسوا من مجموعته ويسترسل في سرد وعرض ما يريد سرده كي يحظى بالاحترام اولا وبالتأييد والدعم ثانيا الى ان تؤول المسؤولية له في المجال الذي يعمل فيه ان كان على صعيد محلي او اقليمي او قطري او في مؤسسته معينة وقد يجوز ان تعود على الجمهور بالخير .

وما ان يبدأ هذا المرء ويباشر ممارسة مهامه , عندها تبدأ تماما موجات خيبة الامل ترافق الناس وتلازمهم وخاصة الذين علقوا آمالا كبار عليه وبنوا الكثير الكثير من المشاريع الوهمية , وسرعان ما تنقشع الغيوم ولا يرى احد خلف الغيوم نجوما , وتذوب الثلوج كذلك ولا يرى احد تحتها مروجا , تكون عندها خيبة الامل ضارية وقاسية بقدر زخم وكبر حجم الامال التي علقت عليه .

وعليه ارجو في هذه السطور ان انوه الى انه يترتب على المرء ايا كان وفي اي وقت كان الا يتهور والا يتسرع والا يستعجل الامور بل يستوجب الامر التروي والدراسة والتمعن بابعاد كل خطوة يتخذها المرء على صعيد بناء الامال على الابناء والاخوة والاهل والاصدقاء والجمهور والقياديين , نعم يترتب الادراك السليم والنظرة الموضوعية الثاقبة, وعدم تحميل الاخرين عبئا فوق مقدورهم ذلك كي لا يقع هذا المرء في موقع خيبة الامل يجب عليه النظر بجدية متناهية وبنيه سليمة ولا يتخذ القرار السلبي بسرعه لانه في هذه الظروف ينبغي تحكيم العقل لا العاطفية – والوقوف على حقائق الامور كي لا تنقلب الامور رأسا على عقب وكي لا تخفق الامال ولتبقى الامور في اطار التحكم , وذلك حرصا على الحياة المشتركة وحفظا للعلاقات العائلية , الاخوية والاجتماعية .  

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .