النُّجومِيَّةُ..

1

الَّذينَ يَلْهَثونَ وَراءَ النُّجومِيَّةِ مِنَ الفَنّانينَ على اخْتِلافِ مِجالاتِهِمْ، تَراهُمْ لا يَقْنَعونَ بِما وَصَلوا إلَيهِ، فَيَجِدّونَ في البَحْثِ عَنْ طُرُقٍ تُمَكِّنُهُمْ مِنَ التَّفَوُّقِ على غَيرهمْ، وكَأَنَّ السّاحَةَ الفَنِّيَّةَ ثَوبٌ فُصِّلَ على مَقاسِهِمْ. وهُنا يَبْدَأُ البَحْثُ عَنْ طُرُقٍ تُوصِلُهُمْ الى الهَدَفِ الّذي يَنْشُدونَهُ ؛ مِنْ هذِهِ الطُّرُقِ الاسْتِفادَةُ منْ شُهْرَتِهِمْ في لَفْتِ الأَنْظارِ، كُلِّ الأَنْظارِ، الَيهِمْ، وقَدْ نَعْذِرُهُمْ لَواكْتَفَوَا بِذلكَ ؛ ولَكِنْ أيّ عُذْرٍ لهُمْ إذا جَعَلوا (الأَنا) جَرّافَةً عَمْياءَ صَمّاءَ تَجْرِفُ كُلَّ مَنْ/ ما يَعْتَرِضُ طَريقَها، ولا تَهُمُّ الوَسيلَةُ ما دامَتْ سَتوصِلُهُم الى مُبْتَغاهُمْ.. وأَيُّ عُذْرٍ لَهُمْ حينَ يَتَقَرَّبونَ مِنْ أَصْحابِ النُّفوذِ مِنَ السِّياسِيّينَ والإْعلامِيّينَ كي يَضْمَنوا ظُهورَهُم في كُلِّ المُناسَباتِ، مُعْتَقِدينَ أَنَّ ذلكَ يوصِلُهُم الى قُلوبِ المَلايينِ، وغابَ عَنْ بَصائِرِهِمْ أَنَّ غالِبِيَّةَ هذه المَلايينِ أَكْثَرُ ما يَهُمُّها هو رَغيفُ الخُبْزِ، فَإذا تَوَفَّرَ لَهُمْ بَحَثوا عَنْ أَغْنِيَّةٍ أَو قَصيدَةٍ أَو… أَو… تَبْعَثُ الفَرَحَ في قُلوبِهِمْ، وتُعيدُ الأَمَلَ الى نُفوسِهِمِ القانِطَةِ فَيَتَجَدَّدُ إقْبالُهُمْ على الحَياةِ وتَعودُ الذَاكِرَةُ لِتُؤَكِّدَ أَنَّ العَدالَةَ الاجْتِماعِيَّةَ لا بُدَّ حاصِلَةٌ.
لا شَكَّ أَنَّ الَّذينَ وراءَ هذا النَّجمِ أَو ذاكَ لَهُمْ غايَةٌ مِنْ دَعْمِهِ ما أَشْبَهَها بِغايَةِ القَبيلَةِ مِنْ شاعِرِها، هذا إذا كانَ النَّجْمُ شاعِرا، أَمّا إذا كانَ مُغَنِّيًا أَو مُمَثِّلًا، مَثَلًا، فالغايَةُ الأولى هي الرِّبْحُ المادِّيُّ، وكَمْ يَدِرُّ العَمَلُ الفَنِّيُّ مِنَ المَلايينِ في جَيبِ مُنْتِجِهِ. أَمّا مَأْساةُ النَّجْمِ فَتَبْدَأُ بِقَلَقِهِ الدّائِمِ وتَنْتَهي بِحَجْبِ الأَضْواءِ عَنْهُ، ويَكونُ ذلكَ إمّا بِعَدَمِ تَحْقيقِ الأَرْباحِ الّتي عَوَّدَ المُنْتِجَ عَلَيها وإِمّا بِتَقَدُّمِهِ بِالسِّنِّ لِيَحِلَّ مَحَلَّهُ نَجْمٌ شابٌّ.. وكَثيرَا ما تُؤَدّي هذِهِ المُحَصِّلَةُ بِبَعْضِهِمْ الى حالَةٍ مِنَ الاكْتِئابِ الشّديد وتكون ُالطَّريقَ السَّريعَ الى الانْتِحار..!
(البقيعة / الجليل)  

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .